الاثنين، 9 مارس 2009

رد بخيل على لائميه


يا لائمي: أنشبتم فيّ رماحَ لومِكم وعتابِكم، واتهمتموني زورا وبهتانا بما أنا منه براءٌ براءة الذئب من دم يوسف، رأيتموني على حين غرة فغرّكم مظهري واستهنتم بحالي وقد علمتم أنما المرءُ بأصغريه، ثم قادكم تسرعكم فغفلتُم عن نيتي ومقصدي وأسأتم تفسيرَ أعمالي وقد علمتم أن نيةَ المؤمنِ خيرٌ من عمل يديه، ثم تقاعستم عن طلب الحق فجهلتم منطقي وبياني وركنتم إلى الظنونِ وقد علمتم أن الجهلَ والظنَّ لا يُغنيان من الحق شيئا، لبستم كبرَكم وعنادكم وأعماكم صلفُ قلوبكم وضيقُ عقولكم، وتلك – تالله – مهلكة ما بعدها مهلكة، فإن أردتم البقاء على ذلك فأنتم وأنفسَكم وإلا فهلموا إلى ميزان الحق نحتكم، وإلى كتاب الله وسنة رسوله نختصم، وبطرائق العقل والحكمة نستنير ونفتهم، لنستبين أينا أشد غوايةً وأبعدَ عن الحق سبيلا.
يا لائمي: زعمتموني بخيلا، وما أدري أي شيطان وسوس لكم بهذه الفكرة، فما أنا إلا عبد ذليل يتوقى أن يقترف جرما في حق ربه المنعم الجليل، ويخشى أن يدخله في زمرة المغضوب عليهم يوم الدين، فالله صرح في قرآنه دون مواربة أنه لا يحب المسرفين، ورغم علمكم بآي الكتاب إلا أنكم استمررتم في غيكم ولم يردعكم نصح أولي الألباب، فوسمتموني بأشنع الصفات، ولمزتموني بأخس الألقاب، وأنا في أصل أمري متبع للمصطفى في هديه حيث يقول: بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، وحيث يقول: ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب.
يا لائمي: تشنون علي هجماتكم وتشهرون بي بين الورى، وكلما لقيتموني لقنتموني التوبة والاستغفار، وأنتم - لو بصرتم بحالكم - أحق بهذه الملامة، وأولى أن تُملأ قلوبُكم حسرة وندامة، فقد أسرفتم في مآكلكم ومشاربكم، وتمخطرتم في ملابسكم، وتعاليتم في مساكنكم، ومشيتم في الأرض مرحا وتبخترا، وعددتم ذلك كرما وعزا وفخرا، وعددتم من خالف طريقتكم السقيمة بخيلا شحيحا، فإن كان الاقتصاد والتدبير وطاعة المولى القدير بخلا فأنعم به من صفة كريمة.
بخلوا فعمت في البلاد منافع وفاضت أرزاق وتمت فوائد
يا لائمي: لو استدبرتم من الحياة ما استدبرت، واستقبلتم منها ما استقبلت لعلمتم أنها فرس جموح لا يمكن للمسرف المهمل أن يروضها، ولأيقنتم أن سر البقاء هو في الحفظ والإبقاء، وجمع اللوازم واتخاذ الاحتياطات، وتقسيم رزقك المقسوم عليك على أيام حياتك بطريقة لا تتركك في نهاية المطاف ذليلا متسولا محتاجا، وقول من يقول أن الإيمان بالله والتوكل عليه والثقة بما عنده تجعل المرء ينفق دون خوف من الإفلاس هي كلمة حق وضعت في غير موضعها، فالله دعا في كتابه إلى الأخذ بالوسائل والأسباب، وما قصة يوسف عليه السلام عنكم بغريبة، فقد حفظ ما يبذرون في سنبله في سبع سنوات سمان استعدادا لسبع عجاف، وأنا إن قترت وأمسكت فذاك استعدادا لما يستقبلني من الأيام الشديدة وما أكثرها، وإن كتب الله علي الموت فإن أترك أبنائي من بعدي أغنياء خيرا من أتركهم عالة يتكففون الناس.
يا لائمي: إن كنت لا أشرب إلا الماء فما العيب في ذلك فالله جعل الماء سر الحياة فكيف تأمرونني أن أغير مشربي؟ أتريدونني أن أستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وكيف أدخل في أوردتي وشراييني ما لا تعرف مكوناته، ثم أنكم تتهكمون علي وترمونني بأقذع العبارات، لاقتصار مأكلي على التمر، يا إخوتي لمرة أنصتوا إلي: بكل بساطة أنا أحب التمر أعشقه عشقا يخالط سويداء قلبي، منذ أن ولدتني أمي وقد حنكني أبي بتمرة، ثم إن التمر غذاء عاش عليه أجدادنا عصورا مديدة وأمدهم بكل مقومات الحياة، وفوق ذلك فقد أثبت العلم الحديث فوائده العظيمة للصحة والجسم.يا لائمي: هذه حياتي فدعوني أعيشها، وهذا ديني فاتركوه لي، ولا تشغلوا بالكم فيما ترونه عيبا في ولا تملكون عليه دليلا، وانظروا لعيوبكم التي تملأ جيوبكم: واعلموا أن لومكم لا يؤثر علي شيئا فإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق