الخميس، 23 أبريل 2009

لو كنت مكاني، ماذا كنت صانع؟

كنت في محل حواسيب، وإحدى ممراته ضيقة لا تتسع إلا لشخص، وكنت مستعجلا، وهناك امرأة يبدو عليها الشرود، تمنع انسياب الطريق، قلت لها (بصورة مفاجئة قليلا!): لو سمحت، طريق، ارتبكت المسكينة ورجعت للخلف، واصطدمت بصندوق لم تلاحظه، وسقطت عليه، اعتذرت لها بشدة وغادرت مبتسما؛ لأن ذاك مشهد لا ترى مثله كل يوم.

بعدها قمت أسأل نفسي: لم لم تساعدها، لو تصرفت بسرعة وأمسكتها من مرفقها، كان هناك احتمال، بأن أحفظ ماء وجهها، وأحميها من السقوط، ولكني لم أفعل شيئا، ووجدت نفسي في تلك الثواني المعدودة، أراجع كل ملفات العادات والتقاليد والمحظورات العرفية والشرعية.

المثير في هذه القضية أني أرسلت الحادثة لعدد من أصدقائي، وسألتهم:

لو كنتم مكاني، ماذا كنتم صانعين؟

وكانت الإجابات متنوعة وغريبة:

1- بالطبع سأساعدها آخذها في الأحضان !!! هذا شخص عقله مشوش، لم يفهم الغرض من رسالتي، ولكنه يمزح لأنه لن يجرؤ على القيام بذلك، فهو متزوج!!

2- كيف هذه الفتاة؟ هل هي حسناء؟ ؟؟؟
يعتمد على قربي وبعدي عنها، إذا كانت بعيدة فالأمر مختلف. !!
شخصيا قد تصدر مني حركة سريعة تلقائية في مثل هذه المواقف، وقد أساعد، إلا أنني لا أستطيع أن أعطيك إجابتي، فأنا لم أعش التجربة بعد.

هذه ثلاث رسائل من شخص واحد توضح عدم مقدرته على التعبير بصراحة عن كيف سيتصرف في هذا الموقف

3- لكل مقام مقال. (خير الكلام ما قل ودل).

4- لو عنك أزيدها بشوتة روحها ما صالبة عمرها. (هذا عنيف، ويمكن يمزح، ويمكن جاد، على العموم وجب الحذر منه)

5- يحتاج أشوف بنفسي وبعدين أحكم.

6- دائما مواقفك غريبة، لم لا كان من المفترض أن تمنعها من السقوط، لكن المشكلة إذا كانت متزوجة، سألتها إذا كانت متزوجة ولا لا؟ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
الله يهديك، لين أسألها تواحي الحرمة شبعانة سقوط وطيحان.

7- قد أساعدها بحركة لا إرادية، ولكن من شدة تأسفي طبعا.

(الكل يريد أن يسعد بحركة لا إرادية، وما العيب في الحركة الإرادية؟؟؟)

8- والله، الموقف صعب، بس ما أعتقد أنه ما توصل بي الجرأة لين أمسكها عن السقوط.

9- قول الحمد لله أنك ما قتلت البنت، وأما عن رأيي فحسب المكان.

هذه هي الردود، وفي رأيي يمكن من خلالها إجراء دراسة اجتماعية، عن ردود أفعال الأشخاص في مثل هذه المواقف، وطبعا كان المستفيد الأكبر من القضية عمانتل.

ولكن سؤال المليون ريال: إذا كانت الوضعية بالعكس، حيث المار امرأة، والذي يسقط هو الرجل. كيف ستكون ردة الفعل.

والسؤال المهم: هل مناسب عرفا التحدث في هذه المواضيع؟

عزام على الفاضي !!

التقيت صدفة بزميلي الذي لم أره منذ فترة طويلة، ودخلنا في زوبعة من التراحيب العمانية المختلفة والأسئلة المتنوعة عن العلوم والأخبار والأحوال، وبعد أن هدأنا قليلا، وبدأت وتيرة الحديث بالانخفاض مؤذنة برغبة صاحبنا في الرحيل، قال لي كما كان أي عماني آخر في موقفه سيقول: تفضل أخي معنا، سنفطر معا (كان الوقت رمضان)، ولأني لم أحدد المسجد الذي سأفطر فيه ذلك اليوم، (نكتة !) رأيت أن هذا السؤال فرصة لا تعوض، فقلت له مباشرة ودون تردد: تمام، لا توجد عندي أي التزامات، فتوسعت مقلتا صاحبي، وحدق في لبرهة، وتلعثم قائلا: أن..أنا أنا آسف، عندي التزام مهم حاليا، لا أبد أن أرجع أختي إلى البيت، فتلعثمت أنا أكثر: لا بأس أخي، مرة أخرى، ولم تأتي المرة الأخرى، بل أظنه لن يدعو أحدا بعد ذلك إلا إن تأكد أنه قادر على استضافته في ذلك الوقت.
ولملم صديقي نفسه بسرعة وانصرف، وقلت في نفسي: تو مو هذي الحالة.

والذي يرفع الضغط، أولئك الذين تبذل جهدك لترضيهم بأن تأكل لحد التخمة من موائدهم، وهم يصرون على أن تأكل المزيد، ويدفعون ذلك الدفع الشديد المبالغ فيه، لتأكل ولو على حد السيف، لدرجة أنك تقسم أنك لن تزورهم مرة أخرى، ولكنك مرة أخرى تزورهم، هذا أمر نفسي لا طاقة لي بتفسيره.

وبعد ارتفاع أسعار المشروبات الغازية من 100 بيسة إلى 150 بيسة، كنت في مقهى، واشتريت مشروبا وأعطيت البائع مئتين بيسة، ولم يرجع لي خمسين، بل أعطاني كيسة بطاطس عمان، فقلت في نفسي: ماذا أفعل بها؟، ورأيت جنبي طفلة لا تتجاوز السنتين يحملها والدها، فقربت البطاطس منها أريد أن أعطيها، فانتزعتها من يدي قبل أن أنطق بكلمة، وجمت للحظة، ولكن غمرتني سعادة، لا أدري سببها، ربما شعوري أن الجيل القادم سيترك هذا العزام على الفاضي.

السبت، 4 أبريل 2009

لا أريد أن أساعدك، وخلاص!!

- السلام عليكم ورحمة اللهِ وبركاته
- وعليكم السلام
- كيف الحال، يا بو الشباب
- الحمد لله، كيف أساعدك؟
- أنا أريد أسوي إعلان في الجريدة، عندي محل جديد مفتوح، وأريد أعلن عنه، عشان ...
- زين، قبض هذي الورقة، وعبيها، ويوم تخلص خبرني.
بعد دقائق ...
- تفضل، هذي الورقة وعبيناها.
- كلمة، كلمتين، ...، ست عشر كلمة، همممم، ادفع 9.600 بيسة
- حاليش 600 بيسة.
- كذاك القانون.
- القانون مرة وحدة، نزين ما نختلف، متى بتنشروا الإعلان؟
- يوم الاثنين.
- انزين اليوم هو الخميس، وحسب علمي أنكم تنشروا الإعلان بعد يومين يعني المفروض تنشروه يوم السبت.
- انته جيت متأخر، خلاص رفعنا إعلانات يوم السبت أمس لفريق التصميم، وقبل شوية رفعنا إعلانات يوم الأحد.
- انزين نشروه يوم الأحد، أنا زبون دائم معكم.
- ما يستوي الإعلان ينشر بعد يومين من التسليم، والجمعة محد يداوم.
- يا أخي، ساعدني شوية، عندي بضاعة جديدة، يعني ما يستوي ماشي زباين لين يوم الاثنين، حاول تنشره يوم الأحد.
- ما ينفع، فريق التصميم استلم الإعلانات.
- انزين، بعده ما يواحي صمم كل الإعلانات، وأنا إعلاني صغير، ما يزيد عن سطرين، لو سمحت ارفع السماعة واتصل فيهم، قولهم شي إعلان واحد في الطريق، وما يحتاج تعب عمرك، أنا بشله بنفسي.
- هين عايشين حن، ما ينفع يعني ما ينفع، هذا نظام، وأنت جاي آخر الدوام وبعدك تتشرط.
- أنا اتصلت بالبدالة، وقالو لي انه قسم الإعلانات يسكر وحدة ونص، والحين بعدهي وحدة وثلث.
- ليش ما جيت وحدة وتسع وعشرين دقيقة، ما أحسن كان!
- قبل شوية تقول نظام وقانون، ليش يوم تعلق الموضوع بالوقت ماشي نظام.
- انته المحتاج، وتعرف في أي معاملة لازم تجي بوقت كافي.
- كلنا محتاجين إلى الله، ويوم من الأيام بتوقع انته نفسك في نفس هذا الموقف، وبتحب راس الموظف عشان يمشي معاملة ضرورية.
- يا أخي أنا أريد أساعدك، لكن النظام ما يمكن نغيره.
- أنا ما طلبت منك تغير النظام، طلبت منك تساعدني، وتتصل في فريق التصميم يمكن يقبل إعلاني، بدل ما جالس تعاندني طول هالوقت.
- ما يمكن أتصل في الفريق، هو مشغول.
- قول ما تريد تساعدني.
- ما أريد أساعدك، خلاص.
وخرج المواطن وهو يتمتم غاضبا، وعاد الموظف إلى كومة أوراقه، يتنهد تنهدات طويلة ويتأفف.

الجمعة، 3 أبريل 2009

اشكر بعينيك

كنت في مطعم أتناول الغذاء، فأدهشني تصرف رجل عماني، نادى النادل باحترام، وقال له (لو سمحت) أحضر لي كذا وكذا، وعندما أحضر النادل ما طلبه، تناوله منه وقال له شكرا ولكن (من غير أن ينظر إليه).
حسب وجهة نظري المبدئية أن البعض منا في بيئتنا ونتيجة لتربية معينة لا يجيد التعبير عن امتنانه وتقديره وحبه للآخرين بطريقة مؤثرة، فنرى أن الأب يعبر عن حبه لولده بأسلوب (دفش) ومحرج للولد، ونجد الولد يعبر بطريقة (أسمينه الشيبة ما قصر)، أما أن يجلس الواحد منا مواجها لمن يقدره وبحبه وينظر في عينيه ونطق بصدق وإخلاص عبارات الحب والتقدير فذلك قرين العنقاء بل يفوق عليها في استحالة الوقوع.
من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يلتفت بكليته لمن يكلمه
لذا إن أردت أن تعبر عن امتنانك أو تقديرك أو حبك فانظر إلى عيني محدثك وأطلقها من قلبك، سترى نتائج عظيمة لم تكن يوما تتوقعها.