الاثنين، 9 مارس 2009

السيد فوكس (ترجمة نشرت في العدد الثالث من ملحق الجسر)


قصة: هايدي آن هاينر
ترجمة: أحمد السابعي

كانت الآنسة ماري شابة جميلة، لها أخَوَان فقط، بينما لها من العشاق ما تعجز عن عدهم، ولكن من بينهم كلهم كان أشجعهم وأكثرهم شهامة السيد فوكس، الذي التقت به عندما أقامت لفترة في بيت أبيها الريفي، لم يكن أحد يعرف من هو السيد فوكس، لكنه قطعا كان شجاعا، و بلا شك من الأثرياء، ومن بين كل عشاقها اهتمت الآنسة ماري به فقط. وفي نهاية الأمر اتفقا على الزواج. سألت الآنسة ماري السيد فوكس عن مقر سكناهما بعد الزواج، فوصف السيد فوكس لها قلعته وأين تقع ولكن لم يطلب منها هي أو إخويها القدوم لرؤية القلعة، وهو ما استغربته الآنسة ماري.


لذلك وفي أحد الأيام قبيل موعد العرس، بينما كان أخوة الآنسة ماري خارج البيت، و السيد فوكس قد ذهب إلى مكان بعيد لمدة يوم أو يومين لقضاء بعض الأعمال ـ على حد زعمه - شرعت الآنسة ماري في البحث عن قلعته، وبعد عدة جولات بحث شاملة تمكنت أخيرا من الوصول إليها. كانت القلعة مبنى رائعا وقويا، محاطة بجدران عالية، وخندق مائي عميق، وعندما دنت من مدخل السور رأت مكتوبا عليه: " كن جسورا، كن جسوراا".


ولأن المدخل كان مفتوحا دخلت، ولم تجد أحدا؛ فصعدت إلى باب القلعة الداخلي، ووجدت مكتوبا عليه: "كن جسورا، كن جسوراا، ولكن لا تتهور".
ورغم التحذير واصلت تقدمها، حتى دخلت إلى الردهة، وارتقت الدرجات العريضة حتى وصلت إلى باب في رواق مكتوبا عليه:
" كن جسورا، كن جسوراا، ولكن لا تتهور
لكيلا تتجمد دماء قلبك من الخوف".
ولأن الآنسة ماري امرأة شجاعة؛ فتحت الباب، فماذا تظنون أنها رأت؟ لقد رأت أجسادا وهياكل لنساء جميلات ملطخة كلها بالدماء، عندها أحست الآنسة ماري أنها كان يفترض بها الفرار من ذلك المكان المروع قبل مدة، فأغلقت الباب ومشت في الرواق، وما كادت تهبط من الدرجات لتخرج من الردهة إلا ورأت من خلال النافذة السيد فوكس يجر امرأة جميلة وشابة طوال الطريق من مدخل السور إلى باب القلعة.
أسرعت الآنسة ماري بالنزول من الدرجات، واختبأت خلف برميل في الوقت المناسب، وفي نفس اللحظة دخل السيد فوكس ومعه المرأة المسكينة والتي بدا أنها قد أغمي عليها. وعندما أصبح بالقرب من الآنسة ماري، رأى السيد فوكس خاتما ماسيا يبرق لمعانا في إصبع المرأة الشابة التي كان يجرها، فحاول أن ينزعه، ولكنه ثابت في مكانه بإحكام يرفض أن يتزعزع أو يخرج، فأخذ السيد فوكس يلعن ويشتم، واستل سيفه من غمده، فرفعه وأنزله على يد تلك المرأة المسكينة، فبتر السيف يدها التي طارت عاليا في الهواء، وسقطت من بين أماكن العالم كلها في حضن الآنسة ماري. بحث عنها السيد فوكس لبرهة، لكنه لم يخطر بباله النظر خلف البرميل، لذا أكمل - أخيرا- جره المرأة الشابة صاعدا الدرج ثم إلى الغرفة الدموية.
وفي اللحظة التي سمعته يجتاز الرواق، زحفت إلى خارج الباب، ومنه نزولا إلى أن مرت خلال مدخل السور، ثم ركضت بكل ما أوتيت من قوة إلى بيتها.
واتفق أنه في اليوم التالي مباشرة سيكون التصديق على عقد زواج الآنسة ماري والسيد فوكس، وكان هناك إفطار فخم يسبقه. وبينما كان السيد فوكس جالسا على طاولة مواجها الآنسة ماري، نظر إليها، وقال " كم تبدين شاحبة هذا الصباح، عزيزتي".
ردت عليه"نعم" وأضافت:" لم أنم جيدا ليلة البارحة، لقد راودتني أحلام مروعة".
قال السيد فوكس: "دائما ما يأتي الواقع مخالفا للأحلام، ولكن أخبرينا حلمك، فصوتك العذب سيجعل الوقت ينساب حتى تأتي الساعة السعيدة".
قالت الآنسة ماري:" لقد حلمت أنني ذهبت صباح أمس بحثا عن قلعتك، ووجدتها في الغابة، بجدرانها العالية، وخندقها العميق، وقد كُتب على مدخل سورها: "كن جسورا، كن جسورا".
قال السيد فوكس:" لكن الواقع ليس كذلك، لا ولم يكن كذلك".
- وعندما أتيت إلى باب القلعة وجدت مكتوبا عليه: "كن جسورا، كن جسورا، ولكن لا تتهور".
- لكن الواقع ليس كذلك، لا ولم يكن كذلك.
- وعندما صعدت في الدرج، وأتيت إلى الرواق وجدت في نهايته بابا قد كتب عليه:" كن جسورا، كن جسورا، ولكن
لا تتهور، لكيلا تتجمد دماء قلبك".
- لكن الواقع ليس كذلك، لا ولم يكن كذلك.
- ثم ... ثم فتحت الباب، فإذا أجسادا وهياكل لنساء مسكينات ميتات، ملطخات كلهن بدمائهن.
- لكنه ليس كذلك، لا ولم يكن كذلك، ومعاذ الله أن أفعل شيئا مثل ذلك.
- ثم حلمت أنني أسرعت بالنزول من الرواق، وفي اللحظة التي هممت فيها بالنزول من الدرجات رأيتك يا سيد
فوكس قادما إلى باب الردهة، تجر خلفك امرأة شابة ومسكينة، غنية وجميلة.
- لكنه ليس كذلك، لا ولم يكن كذلك، معاذ الله أن أفعل شيئا مثل ذلك.
- أسرعت إلى أسفل الدرج، وفي نفس اللحظة التي اختبأت فيها خلف برميل، دخلت أنت يا سيد فوكس تجر المرأة
الشابة من ذراعها، وعندما مررت بجانبي يا سيد فوكس خيل لي أني رأيتك تحاول أن تنزع منها خاتمها الألماسي،
وعندما لم تستطع يا سيد فوكس، لقد بدا لي في حلمي أنك استللت سيفك وقطعت به يد الآنسة المسكينة لتحصل
على الخاتم.
- لكنه ليس كذلك، لا ولم يكن كذلك، ومعاذ الله أن أفعل شيئا مثل ذلك.
وعندما همّ أن يتكلم مجددا وهو يقوم من كرسيه، صرخت الآنسة ماري قائلة: "لكن الأمر كذلك، ولقد كان كذلك، وهذه يد وخاتم يجب أن أريكم إياهما" وسحبت اليد المقطوعة من ثوبها، ووجهتها مباشرة إلى السيد فوكس.
وفي الحال استل أخواها وأصدقاؤها سيوفهم وقطعوا السيد فوكس إلى آلاف الأشلاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق